بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء وسيد المرسلين سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، اللهم افتح لنا أبواب رحمتك وانشر علينا خزائن علمك حكمتك، اللهم علمنا بما ينفعنا وفعنا بما علمتنا، يا الله يا الخلال والكرام . اللهم لا سهل إلا ما جعلته سهلا وأنت تجعل الحزن إذا شئت سهلا فجعل اللهم كل صعب سهلا . اللهم يسر لنا تيسير وفك عنا كل عسير ولا تؤاخذنا بالذنوب والتقصير. إنك ولي ذلك وأنت السميع البصير وأنت على كل شيء قدير. نعم المولى ونعم النصير.
إخواني الكرام ، أخواتي الفاضلات المتابعين لهذا المقال. السلام عليكم ورحمة الله وبركاته. حديثنا في هذه المثال مع الصحابي الجليل عمير بن وهب. ربما سمعتم عن كيف كانت قصة إسلام عمير بن وهب وكيف كان يخطط لقتل النبي صلى الله عليه وآله وسلم، وعندما أبلغه النبي صلى الله عليه وآله وسلم بما كان يخططوا من أجله هو وصفوان ، اسلم لأنه تفاجأ بأن هذا الخبر لم يكن يعلم به أحد. إلا النبي صلى الله عليه وآله وسلم هنا هذه الطريقة من طرق الدعاية للدين وطرق الدعوة إلى الله سبحانه وتعالى. طريقة العلم بالغيب بما يعلمه الله سبحانه وتعالى للبشر انقطع الوحيد من السماء، ولم لم يعد جبريل عليه السلام ينزل على نبي من الأنبياء إلا أن الوحي المنزل من السماء الذي حفظه الله سبحانه وتعالى وهو القرآن الكريم، وما يحمله من عجائب، وما يحمله من أسرار، وما يحمله من إعجازات في جوانب شتى في قطاعات الحياة، في الجوانب العلمية، في الجوانب الاقتصادية، في الجوانب الاجتماعية، في جوانب دقائق المعرفة العلمية التي يكتشفها العلم المعاصر اليوم التي ضمتها آيات القرآن الكريم في علوم الطب، في علوم الفلك، في علوم الفيزياء، في علوم الكيمياء، في علوم الأحياء وغيرها من المعارف والعلوم ستبقى أيضا وسيلة من وسائل الدعوة إلى الله سبحانه وتعالى، لأن هذا الكتاب العزيز كما قال الله سبحانه وتعالى عنه (( لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه))
ويبقى التحدي قائما من الله سبحانه وتعالى للبشر في إثبات هذه الحقائق أيضا، إذ إظهار هذه الحقائق الغيبية وبيان بأنها وردت في كتاب الله سبحانه وتعالى هي وسيلة من وسائل الهداية وسيلة من وسائل الدعوة إلى الله سبحانه وتعالى. تعالوا معا نبحر في سيرة عمير، وكيف كان بعد الإسلام في ما كان عمير يزكي نفسه بتعاليم الإسلام ويكون فؤاده بنور القرآن، ويحيى أروع أيام حياته وأغناها بما انساه مكة ومن في مكة. يعني سبحان الله، كيف يتغير الإنسان ويتحول ويصبح القلب لديه متغيرا بسبب أن ما كان في القلب من الدنيا والمادة والطين وشهوات الحياة الدنيا والضغائن والأحقاد أصبح يتحول إلى عالم آخر أصبح ينسى الأهل وينسى الوطن وينسى الأولاد وينسى الأموال لأن التوجه أصبح إلى الدار الآخرة، وأصبح ما عند الله سبحانه وتعالى أعظم مما عند البشر، وأصبحت موعودات الله سبحانه وتعالى من الجنة والرضوان والمغفرة والرحمة. أحب للإنسان وأصبح يصرف جهده ووقته وفكره للحصول عليها، فلا غرو أن يكون صفوان بن أمية رضي الله تعالى عنه ينسى مكة ومن في مكة. كان صفوان بن أمية يمني نفسه الاماني من هو صفوان بن أمية ؟ هو الرجل الذي اتفق معه عمير بن وهب لقتل النبي صلى الله عليه وسلم، فكان صفوان يمني نفسه الاماني ويمر بأندية قريش فيقول أبشر بنبأ عظيم يأتيكم قريبا فينسيكم فيكم وقعت بدر. هكذا كان يتكلم. ثم إنه لما طال الانتظار على صفوان بن أمية أخذ القلق دخل إلى نفسه شيئا فشيئا حتى غدا يتقلب على أحر من الجمر واخذ
يسائل الركبان عن عمير بن وهب فلا يجد عند أحد جوابا يشفيه إلى أن جاءه راكب فقال إن عمير قد أسلم إعلان عمير بن وهب دخل الإسلام، فنزل عليه الخبر نزول الصاعقة ثم كان يظن أن عمير بن وهب لا يسلم، كان يتصور أن عمير ابنه لا يسلم ولو اسلم جميع من على ظهر الأرض، وهنا يظهر يا خواتي الكرام نأخذ درسا بأن الهداية من الله سبحانه وتعالى، فلا تفقد الأمل في أي إنسان. الله يهدي من يشاء، ولا تقول إن هذا الإنسان لن يؤمن ولن يهتدي ولن يستقيم، فأمر الهداية ليس إليك وإنما عليك البلاغ. أما عمير بن وهب فإنه ما كان يتفقه في دينه ويحفظوا ما تيسر له من كلام ربه حتى جاء للنبي عليه الصلاة والسلام وقال يا رسول الله وقد غبر علي زمان وأنا دائب على إطفاء نور الله شديد الأذى لمن كان على دين الإسلام، وأنا أحب أن تأذن لي بأن أقدم على مكه لأدعو قريشا إلى الله ورسوله، فإن قبلوا فنعم ما فعلوا، وإن أعرضوا إذا أعربوا عني، وما قبلوا آذيتهم في دينهم، كما كنت أوذي أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم فأذن له النبي صلى الله عليه وآله وسلم، فذهب مكة، وأتى بيت صفوان بن أمية وقال يا صفوان إنك لسيد من سادات مكة، وعاقل من عقلاء قريش، افترى أن هذا الذي أنتم عليه من عبادة الأحجار والذبح لها يصح في العقل أن يكون دينه؟ أما أنا أشهد أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله. ثم طفق عمير يدعو إلى الله في مكة حتى أسلم على يديه خلق كثير، أجزل الله مثوبة عمير بن وهب، ونور له في قلب في قبره ورضي عنه.
هكذا أيها الإخوة الكرام نرى بأن الدعوة إلى الله سبحانه وتعالى تأتي من أناس وأشخاص قد لا نتصورهم ، ولا نتوقع منهم أن يكونوا أنصارا للدين، وأن يكونوا دعاة إلى الله سبحانه وتعالى. كيف يتحول الإنسان الذي كان في لحظة من لحظات ألد أعداء الدين ويريد قتل النبي صلى الله عليه وآله وسلم، ويريد النيل من رمز عظيم من رموز هذا الدين، وهو النبي المرسل من الله سبحانه وتعالى، وتأتيه بعد ذلك الهمة والعزم والتضحية والرغبة في أن يدعوا إلى الله سبحانه وتعالى. ويا للمفارقة عندما يأتي عمير بن وهب إلى بيت صفوان بن أمية يطرق بابه يدعوه إلى الله سبحانه وتعالى لأن المؤمن أيها الإخوة الكرام يأتي في قلبه الشفقة على من يبقى على الغفلة، ويبقى على الضلال لأنه يعلم علم اليقين بأن هذه الحياة الدنيا إنما هي أيام معدودات، وأن الناس سينتقلون إلى الدار الآخرة، فكيف تتهيأ الأنفس وتتهيأ العقول، تتهيأ القلوب وتسكب التضحيات في سبيل نصرة هذا الدين، وفي سبيل الأخذ بالناس من حال الغفلة الذي هم عليه وسوقهم إلى الله سبحانه وتعالى، لا لأجل هدف دنيوي ومادي. والقاعدة هي القاعدة ((قُلْ لا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْرًا )). أسأل الله تعالى أن يوفقني وإياكم وأن يسلك بنا طريقه أصحاب النبي صلى الله عليه وآله وسلم الذين شهد لهم الله سبحانه وتعالى بأنهم كانوا من أنصار الله ورسوله.
إرسال تعليق